الجمعة، 5 يوليو 2013

نوبة ربو.. في منتهى الأنانية





أنثى 

نوبة ربو.. في منتهى الأنانية
 عدت يومها باكيةً، كان جموح الدموع في أسره ذاك أقوى من أن يهدأ أو يروض، قطيع من الأحصنة الغاضبة الحزينة.. أحصنة هوجاء متمردة تندفع نحو العلن، ما عادت تبالي لا بالسماء ولا الأرض ولا تلك العيون التي لا تعرف عن الذي يحدث سوى امرأة تمشي باكية، خذلتني للمرة الأولى والأخيرة، للمرة الوحيدة والأخيرة .. 
ركضت نحو الموعد.. نحو الموقف حيث اتفقنا، لم أجدك... نصف ساعة كانت كفيلة لأن لا أجدك، جاد حاسم في قراراتك كما عهدتك، انتظرت نصف ساعة أخرى علّك من تأخر مع أنه مستبعد، واستسلمت للقدر أخيراً وعدت أحمل خيبتي.
 تذكرت كيف أننا كنا واحد فقط، أنت تتكلم وأنا أستمع، أنت تقرر وأنا أنفذ، أنت ترسم الطريق وأنا أسير، مشاريع أحادية فقط كنت فيها الجزء المتلقي مهما كانت النتائج، تقرر سفرك ذاك فجأة.. رأيت فيه فرصتك الذهبية، طموح كعادتك أيضاً، قلت عندي يومان لأخبر أهلي ونستخرج عقد الزواج ونسافر معاً، لم تدع لي فرصة لا لأتكلم ولا للسؤال ومضيت، لتتصل مرة أخرى وتسأل ما حلّ بموعدك مع والديّ، كنت سأشرح عبر الهاتف لكنك رفضت، قلت أنك تريد أن تراني وأنا أحمل قراراً في مكان وساعة حددتهما أنت وقلت "إن لم تأتي سأفهم..." 
 تأخرت يومها لأني اضطررت أن أساعد امرأة لا أعرفها ولم أرها قبلاً، تعرضت لنوبة ربو لم تتمكن من سحب بخاخها من حقيبتها واستغرق استعادتها لأنفاسها وقتاً، ساعدتها لأعرف مساحتي في حياتك، موقعي بين أولوياتك، لم أكتشف أنه لم يكن لي موقع ولا مساحة بل واجهت ذلك فقط. علّني كنت ضرورة.. مجرد ضرورة لكن يمكن الاستغناء عنها.
 سافرتَ ونظمتَ كل أمورك، علك حين أخذت ترتب أولياتك من جديد وجدت المرتبة الأخيرة فارغة، فتذكرتني لتتصل اليوم، تعلمت منك ألّا أنتظر أحداً فلم أنتظرك، تعلمت كيف أكون الأولوية رقم واحد عند نفسي قبل غيري فما عدت تعنيني، تعلمت كيف أرفض وأتمرّد، كيف أن الأنانية مسموحة في الحب فقط كي لا أكون نسخة عنك.
 ما بكيت يومها لأنك تخليت عني بمنتهى السهولة، بل لأني لم أتمكن من النظر في عينيك للمرة الأخيرة معلنةً رفضي، سافرتَ دون أن تعلم أني امرأة مستقلة، لأني حين فكرت في السفر معك، طفت أحلامي الخاصة ومشاريعي على السطح.. وتساءلت عمّا أفعله بها.. فأنا لا أجيد تحنيط الأحلام.
أخذت قراري بنفس السهولة التي نهجتها، لكن حزّ في نفسي كثيراً أنك لم تعرف قدرتي على الرفض والمواجهة علّه غباء الأنثى حين يطغى على كل الأولويات، ملاحظة لم أخبر والديّ عنك... لأنه ما كان من ضرورة لذلك.
لا تبحث عني ولا تتصل بي.. لأنك كنت نوبة ربو عابرة، أسست بعدها حياةً جديدة رغم أنانية الحب خالية من الأنانية.
آمــــال بوضياف

ليست هناك تعليقات: