كان يرفع إصبعه بشكل هادئ عكس ما تعود، يدنيه تارة من أنفه وأخرى يعليه فوق
جبينه.. في حالة أشبه بتوسل الآنسة أن تختاره دون رفاقه كمن يخفي رجاءً ملحاً.. اختارته
الآنسة وقد انتابها الفضول من حالته المريبة، تنحى عن مقعده وهو يثني كراسته بين
يديه الصغيرتين في شكل مقوّس يخفي خلف طرفها شفتيه وذقنه، كان ينظر إليها بثبات
تتخلله حركاته الطفولية العفوية، وقف على المصطبة أمعن في سطره المخربش قالت
الآنسة:
"نعم عبد الغني تفضل"
رد بثقة وهو يمعن في جملته:
"دقيقة.. سأقرأ"
علا صوته شيئاً فشيء بجملة قصيرة "دخلتْ القِطّةَ غُرْفَتي" صححت
الآنسة بشكل آلي "القِطَّةُ" فكرر
الجملة مرة أخرى بنفس التشكيل.. قالت له:
"بالضمة عبد الغني"
رفع بصره عن الكراسة.. نظر إليها
صحح الجملة وعاد لمكانه.. عندما دق جرس الخروج وقف عندها صامتاً.. ظلت تنتظر مراده
حتى قال:
"لكني أريدها فتحة"
استغربت منه انحنت له.. وقالت: "حسنا قل أدخلت القطةَ غرفتي"
بدا على وجهه حزن غريب وقال: "لكنها دخلت لوحدها.. لم أدخلها"
صمتت لبعض الوقت.. همست له: "إن دخلت لوحدها وأعطيتها الفتحة
ستغضب"
اندهش.. دنى منها همس بالمثل: "لماذ؟؟ فالفتحة أفضل"
قالت الآنسة: "لأن كل من يفعل
بنفسه كل أموره.. تهدى له ضمة"
تراجع قليلا ارتسمت على وجهه ملامح الاستياء.. قال: "لكن.. " ثم
عدل عن الكلام.. سألته الآنسة مظهرة له اهتماما كبيراً: "ولكن لماذا الفتحة
أفضل؟"
اقترب منها أخذ رأسها بين كفيه.. ثبت
شفتيه عند أذنها وهمس:
"لأنها كلما جاءت ومعها فتحة
فتحت أمي النافذة لتخرجها" ونظر في عيني الآنسة وضوء الفرح يشع من عينيه.. ثم
أتم "وكلما فتحت أمي النافذة أخرجت رأسي منها وشاهدت الدراجة النارية في
الشرفة المقابلة التي يملكها هشام.. أتعرفين هشام؟؟" قالت "لا لا
أعرفه" أتم مستغرباً "هشام جارنا" ضحكت وأكدت أنها لا تعرفه.. فقال:
"المهم.. هو وعدني أن يأخذني في جولة ولكن أبي وأمي رفضا"