الثلاثاء، 17 فبراير 2015

من مذكرات امرأة ما.. نصوص مسروقة

"ننظف الحي ليصبح العالم أجمل" 
في أحد أيام ربيعٍ من عمر مضى ليس ببعيد.. كنت عائدة إلى المنزل وقت العصر.. كان الحي في حالة من الحركة غير العادية من ذهاب وإياب.. أذرع وسيقان عارية.. صدور مكشوفة وأصوات لا حصر لها ولا تمييز.. 
في طريقي للزقاق المؤدي للبيت.. وجدت الولد أنيس ذو الست سنوات يحمل مكنسة أكبر من حجمه الصغير.. يبذل مجهودا كبيراً وهو يحاول دفع التراب، يصدر تنهدات جادة ووجهه المتسخ حازم عازم على الاستمرار.. أمسكته من رأسه وسألته بين الجد والهزل "واش راك ادير يا أنيس" أي ماذا تفعل؟ ابتهج وجهه، قال بصوت فرِح وهو يفتح ذراعيه مشكلا ما يشبه الدائرة مفلتاً المكنسة: "ننظف الحي ليصبح العالم أجمل" قالها بالفصحى..
أدهشني.. توقفت فجأة حتى عن التفكير.. تساءلت: "حقاً؟؟" كان للجملة وقع خاص في نفسي.. بل أخذت بعداً آخر.. درس في الحياة أيها الولد الصغير الذي يحمل مكنسة أكبر منه.. ويدفع كومة تراب تُعجز حتى الكبار؟؟ درس في جملة؟

ماذا لو نظفت نفسي من الداخل من كل اليأس الذي يغمرها، من  الحزن من الحقد.. من الغيرة.. من اللامبالاة.. من المغريات.. ماذا لو نظفت دروب العمر المؤدية إلى الأحلام ليس من عقباتها بل من شوائبها.. ماذا لو نظفت الصدر من حطام الأحلام التي انتهى عهدها.. أيصبح العالم أجمل؟؟ أجل كان سيصبح العالم أجمل وأرحب وأوسع.. ليس بشكل مثالي أبداً ولكن.. بحيث أننا نعيش عمراً متزناً لا يقف عند سقطة أو حفرة من حفر الحياة.. لا تسد مسارات الحياة لمجرد أنّ حلماً قد اندثر.. بل تتغير..

دخلت المنزل يومها وكلي شعور  أن هالة غريبة تحيط بي.. إلى أي حد يمكنني أن أنظف نفسي وأتخلى عن عقدي.. وأعيش بصفاء.. ثم كيف هي المكنسة وما حجمها.. لابد أن حجمها كبير والعمل سيكون شاقاً جداً لأن أكوام الطبائع والعقد داخلي ليس بهين ولا يسير.. ما جمعته في عمر يلزمه عمراً آخر ليفرق... 
قبل ذاك اللقاء بأنيس بأيام كنت قد أجريت تحاليلاً طبية.. كان المغلف في حقيبة يدي.. على موعد مع الطبيب لليوم الموالي ليعلمني بمفادها.. ولم يلزمني سوى أقل من أربعاً وعشرين ساعة لتسقط المكنسة وتندثر كومة التراب.. وتفقد كل الأشياء معانيها.. من أين لي بالعمر لأزيح كل تلك التراكمات.. بل انزاحت ولم يبق إلّا رغبة ملحة في "العيش" شعرت أني عشت عمراً قصيراً لأموت.. عمراً بأحلامه وأفعاله.. ليس بزمنه..
الحزن جزء من الإنسان وليس كله.. هو لحظة صمت وعودة لدفء الذات لملامسة الروح.. للسكينة.. للسكينة التي تسبق رياح الاستمرار لكن بشكل أجمل.. أفلت مكنسة أنيس ولكني لما بقي لي عمر حملتها مرة أخرى.. سأبتسم دائماً
من مذكرات امرأة لم تعرف كيف تعيش

الأربعاء، 4 فبراير 2015

من مذكرات امرأة ما... نصوص مسروقة

كان حلمي أن أحيا لحظة حرية حقيقية.. لكن الحرية من أكبر الكلمات تداولاً وأفقرها بل أعدمها تحقيقاً..
في مرحلة ما من حياتي في عمر معين، اضطررت لأن ألبس النظارة السوداء.. كانوا يقولون أن عيناي مصدر مشاكل ومتاعب.. 
أنا سمراء بل قمحية البشرة.. شعري كستنائي مائل للشقرة.. عيناي؟؟ خضروان فاتحتان والأدهى واسعتان، يقول الجميع بالاتفاق أو بغيره.. يستحيل النظر فيهما أوالتحديق بهما مطولاً.. رفضت وضع الخمار ولحد الساعة.. تعودت رفع شعري بطريقة بسيطة بحيث تبقى خصلات شعري منحدرة على وجهي وعنقي.. كنت أحب أن يداعبها الهواء أو يلعب بها الريح.. أو حتى أن يبللها المطر.. كانت لي عادات يعرفها كل من حولي.. لا أرفع النظارة حتى في قاعة المحاضرات إلى أن يدخل الأستاذ.. حتى اعتقد البعض أني كفيفة.. ألبس اللون الأخصر بشكل أساسي بين غامق شتاءً فاتح صيفاً.. أبتسم باستمرار.. كانت لي قدرة رهيبة على السخرية من أي شيء وكل شيء.. نظرة غريبة للأمور لا يتوقعها أحد.. 
بقيت كذلك حتى بعد تخرجي من الجامعة.. وحتى وأنا أغرق في وظيفتي التي لا تكتسي أي أهمية.. لكن بعد سنوات من العمل والغرق في الروتين.. بعد سنوات من المخططات الفاشلة والأحلام المجهضة.. تغير لون عينيّ إلى الداكن وضاق اتساعهما.. كانت تلك عادة لا أتحكم بها.. كلما حزنت تضيق عيناي.. 
بعد سنوات من التخرج يقول لي الجميع أني تغيرت.. "مازلت جميلة لكن.." تبقى الجملة مفتوحة على كلمة مفقودة.. كنت أعلمها هي "حزينة" سنوات الدراسة والبحث بالنسبة لي كانت بوابة مفتوحة على الحرية والحركة والتغيير.. حتى سنوات البحث عن عمل.. لكن الغرق في روتين العمل والإدارة جعلني أفقد أشياء كثيرة.. 
وأغرب ما حدث معي.. أن لون عينيّ واتساعهما عاد.. منذ أن علمت أني مصابة بالمرض وأصبح لي موعد أكيد مع الموت.. قبل أن أترك عملي كنت أسمع يومياً أن أمراً ما فيّ تغير ولكنه مجهول.. يسألونني ماذا يحدث معي.. بعضهم يقول أني خطبت والآخر يقول بل تزوجت في الصمت.. البنات يتغامزن أني أحب.. ولا أحد يعلم أن ما بقي لي من عمر بت أعشقه وأن الحياة أخيراً أصبحت مجدداً ذات معنى.. أني بت أفتش مجدداً عن أحلامي الضائعة لعلي أستطيع لحاق واحد منها.. كان أكبر أحلامي أن يمنحني والداي متسعاً من الحرية أكبر.. أردت دائماً السفر ولو في البلد.. لكن خوفهما الأبوي والشرقي في نفس الوقت كان يقف عائقاً.. واليوم يقف المرض عائقاً إضافياً.. بعض الحواجز بمرور الوقت تزول.. وفي أوضاع أخرى تنمو وتتكاثر.. وأحياناً لا يكون هناك سوى حاجز واحد مستحيل الإنكسار..
أفكر كثيراً أني كما سمحت للنظارة بالسيطرة على مرحلة من حياتي.. سمحت لأشياء كثيرة بتحريكها وتحديد مسارها.. 
الأكيد أن الحياة ليست سهلة.. ولكنها بالمقابل جميلة بصعوباتها.. 
نصوص مسروقة من مذكرات امرأة لم تعرف كيف تعيش..
 

الثلاثاء، 3 فبراير 2015

فقط.. لأني أخاف

لا أملك زمام ردود أفعالي.. ولكنني أعلم أني قد أأذيك.. بل أكيد سأفعل.
وترميني بسهم الهوى وتنتشي بسقوطي؟؟ 
بعد السقوط ثورة لو أنك تعلم.. 
بي جنون لا يهدأ إلّا حين يحطم كعاصفة..
 أضم بقوة وأرمي بقوة.. وأصرخ عالياً أني.. حتى في الحب أنتقم.. 
وأقهقه غروراً وزهواً بنصر ليس له علم.. وقلعة سقطت بيدي عدوة وحبيبة..
وألف حولك سوطي وذراعي.. أحدث فيك جرحاً وأضمده..
فأنا..
لا أقبل في الحب مغروراً غيري.. ولا أغفرلنفسي انصياعي..
ولكني..
رغم هلعي وفوراني.. رغم.. غضبي وعدم استسلامي..
أحب وأهوى وأشتاق.. وأحن لصيادي..
لا عجب أن الحب..
 مرغوب.. مخيف