الاثنين، 1 مايو 2017

من مذكرات امرأة ما.. نصوص مسروقة

صرخت به أمام الجميع.."لم تعد تحبني.. أنت ما عدت تحبني.." في حديقتها الصغيرة المحاطة بسياج مكشوف..
خفض رأسه احمر غيظاً وخجلاً ونفوراً..
نعيمة امرأة ثلاثينية أم لخمسة أطفال أكبرهم مراهق وأصغرهم يحبو، شمطاء سليطة اللسان لا تحترم أحداً لا تملك من الحنان مقدار نقطة على سطر مهمل في كتاب لا نفع منه.. جاهلة بأتم ما تحمتل الكلمة من معنى.. كنت كلما سمعتها تصرخ وتشتم أتساءل عن طينتها عن تركيبتها.. عن سبب تحمل زوجها لها.. كان أكبر همها إغاضة من حولها بفعل كل ما يزعجهم ويفسد عيشهم.. كل ما يعكر صفو ما حولها حتى أبناءها لم يسلموا من شرها..
كان الوقت عصراً حين مررت بالقرب من بيتها عائدة من العمل.. سمعتها كما فعل الجميع خصوصاً وأنه الصيف بنهاره الطويل، اندهشت توقفت عن السير، استدرت نحوها وأخذت أنظر مباشرة إليها، وتساءلت أتعرف مثل نعيمة الحب ومعناه؟ لماذا تتهم زوجها وهو ابن عمها بتوقفه عن حبها؟ هل كان بينهما يوما قصّة حب؟؟ والحقيقة أني لم أكن انظر إليها ولا ما حولي بل كنت غارقة في تلك التساؤلات التي لا تنتهي حول الحب.. ولم أفق إلّا بعد أن تحول سيل الكلام الجارح نحوي، أشرت إليها بيدي أنها مجنونة وانصرفت، لكني.. بقيت أفكر فيها، أهي الأنثى داخل كل امرأة مهما كان معدنها، أتبحث المرأة عن الحب وتطلبه حتى وهي تبدو خالية من أي أنوثة، لقد كانت صادقة حين قالت الجملة لأن عيناها اغرورقتا ونبرة صوتها تغيرت، لعل نعيمة طيبة أصلاً وفقدانها للحب غيرها؟؟ أو ربما قلبها يتأرجح بين الكفتين؟؟ لو أنها أحبته لماذا تصر على إيذائه؟؟ أو لعلها تحب بطريقتها الشنيعة؟؟ قيل أنه تزوجها مرغم ولكنها رواية ضعيفة.. أربما لهذا تحول حبها لكره؟؟ ولكنها تطالبه بأمر كان موجود ثم انتهي؟؟ 
حين سألت أمي كيف تزوجت ابن عمها أخبرتني أنه حارب أهله وأهلها من أجل أن يتزوجها، وأن الجميع اعترض على زواجه بها ولكنه فعل المستحيل من أجلها، وأنها حين انقطت بهما السبل حاولت الانتحار فكانت نقطة الفصل في القصة.
في تلك الصائفة كدت أفقد إيماني بكل المشاعر.. فعلا لا شيء مطلق.. كيف يتحول الحب إلى تعاسة؟ لعل نعيمة جنت ولم يكتشف ذلك أحد والجميع يفسر جنونها بـ "قباحة" وحب تسلط وما إلى ذلك.. أم هو الزواج فقط من يقتل الحب ويجره نحو هاوية التعاسة؟؟
قررت حينها أني لن أحب وإن حدث وأحببت فإني لن أتزوج من أحب.. ليبقى أجمل ذكرى وأجمل ما عشته كنوع من العزاء في حياة كل شيء فيها متغير.. متغير نحو الأسوأ. 
تمنيت بعد هذا الوقت وفي هذا الوضع.. وعلى عتبة الموت لو أني نعيمة.. حتى وهي شمطاء أو مجنونة.. في مرحلة ما كانت أنثى في مرحلة ما أحبت.. لو أني طلبت منها أن تحكي عن بدايتها ربما.. لأدهشتني.. 
كان الحب حلمي وأصبح اليوم حلم موؤود.. أمام الموت تزول الأمنيات.. أمنيات قد تجرح من نحب.
نصوص مسروقة.. من مذكرات امرأة لم تعرف كيف تعيش..

أذكرك.. دائماً

القلب المجروح.. لا يشفى
القلب المشتاق.. لا يتوب..
القلب الميت.. لن يحيى من جديد..
والحنين.. شيطان الحب الصارخ في وجه عاشق يلبس ربطة عنق الكرامة تخنه ولا ينزعها.
قلبك المجروح عميقاً يوجعني بشدة.. تعبت يدي من مرهم يمسد على صدري طويلاً بلا طائل.. قديم فيَّ الحزن قدم مدينتك العريقة.. فأي دواء لداء مستعصي..
قلبي المشتاق.. غاضب يقف على حد جسر يود أن يهوي ولا يفعل.. معلق بين ضياعين.. كلاهما لا يرحم.. لحاقك ضياع والهروب منك ضياع.. جحيم لعاصٍ لن يتوب عن عصيانه.
ميت قلبي مذ ذاك الزمن.. لا دفئ فيه ولا شمس.. ولا أمل. فأي مصل يجدي قلباً ضيع روحه وغدا بلا مستقر..
ولأنك الروح.. ولأنك المستقر.. ولأنك الوطن.. 
ولأنك ضياعي.. فإني الساكن عمق الحزن.. يضيء ببقايا شمعة لوحة رسمت عليها صورة تكاد تشبه وجهك.. لتكون واقعاً نصفه حقيقة ونصفه الآخر كذب.. حين يخنقني الشوق.. أخرجها وأدعي أني كدت أنسى.. وأقول في شيء من التمثيل.. ضيعت نصف الملامح.. وأنت الذي لا يضيع مني منه وعنه ذرة ذكرى.