الجمعة، 25 أكتوبر 2013

مشهد.. احتراقي


حين ارتقيت السلالم.. وأنا أختنق بالدخان المنبعث منها.. جبال الشريعة.. كنت أشعر بتلاشٍ غريب.. كنت في لحظات متفاوتة جزءاً منها هي الملتهبة بغير موسم.. وحين ارتمى بصري نحوها اعترتني رعشة امتزج فيها خوفي ووحشتي وتوحدي بألسنة اللهب المتسارعة نحو الأعلى.. اغرورقت عيناي اشحت عنها.. دون شعور قلت: "يالي من مسكينة" 
لطالما شعرت أني توأمتها.. في صبرها في شموحها في تعاليها.. حبها للبليدة.. مدللة سيدي الكبير وصغيرته التي لا تكبر.. 
كنت أشاهد اللهب وهو يأكل الهواء بنهم يأكل الأشجار.. الأرز والصنوبر.. رائحة الصنوبر المحترق ما تزال عالقة في أنفي تتسرب إلى الذاكرة وتعود بي إلى بدايات الربيع وأيام الشتاء المغشوش بحرارته المفتعلة.. حين تبلل الأمطار أشجار الصنوبر وتسمح السحب للشمس الوصول لأوراقها المتشعب منها والممشوط.. يتعبق الجو بذلك العطر الفريد فيجعلك تشهق بعمق.. ثم تسترخي وأنت تبتسم لما لا تعلم..
 كان عطر الصنوبر المحترق مختلف عن عطره المبلل.. كان كجرح غائر في ذاكرتي وكياني.. غائر حد الوصول إليك في اطمئنانك وصمتك.. حزني اليوم نبع منها إليك.. أنا الموجوعة بكما.. المفجوعة في احتراقها.. المحترقة بغيابك..
كنتُ اليوم هي وقلبي ذلك الجزء المحترق.. 
 كنتَ أنت اللّهب والعطر معاً.. 
بل كنتَ المشهد كاملاً لاحتراقي المتكرر..

ليست هناك تعليقات: