بقدر ما أحب هذا الوطن.. بقدر ما لا أحتفي بأي مناسبة وذكرى لثوراته واستقلاله.. تقول جدتي أننا لم نعرف الذل والمهانة والجوع والاغتصاب والكراهية ووووو.. لم نعرف أيّاً من تلك الآلام التي عايشوها وتغلبوا عليها..
جدتي لا تعرف تاريخ ميلادها بالضبط ليس لأنها كانت في زمن يسجل فيه الأطفال الجزائريون كأنهم شيء وجد في سنة ما أو عبيد لا حق لهم في أي مدنية.. بل لأنها في ليلة من ليالي الإستعمار أرسلها والدها لتدفن أوراقهم الثبوتية في مكان تستطيع تذكره.. حتى يتوه المستعمر عن أسمائهم وأسماء الرجال في ذلك المنزل.. حتى لا يحصى عدد المجاهدين في المنطقة ككل.. تقول أنها أيام بعد المداهمة والتفتيش عادت للمنطقة ولكنها.. لم تستطع تذكر الشجرة ولا المكان تحديداً.. واضطر والدها وإخوانها على حفر كل الأرض ولكن بلا جدوى.. تقول كنت خائفة والوقت ليل.. لا أذكر سوى ساقيَّ ترتعشان وتلتويان فأسقط.. لا أذكر سوى عويل الذئاب..
في زمن استقلت فيه الجزائر كانت الحرية في القلب قبل الوطن.. وكان الوطن في القلب.. أي كانا وجهين لعملة واحدة.. اليوم يا جدتي تسكننا العبودية.. لا حرية مسلوبة ولا عدو ظاهر.. ولا سلاح... ولا قنابل.. ولا جهل.. ولا مجاهدين في سبيل الوطن.. كل ما نجاهد من أجله هو لقمة العيش.. تحولنا من أناس يأكلون للعيش.. إلى أناس يعيشون للأكل..
كنا نحلم أن يكون العمل حرية.. والعلم حرية.. والراحة حرية.. والبحث حرية.. كنا نحلم أن تكون الحياة حرية.. لكننا يا جدتي لا نعمل سوى ما نكره.. ولا نتعلم إلّا بالإكراه.. ولا نرتاح بغير التعب.. ولا نبحث إلّا عن ضياع.. ولا نحيا إلّا بالذل.. أمّا الحرية التي استرددتموها جدتي.. فلا نعرف عنها سوى أنّ الحمد لله لم يعد هناك مستعمر.. والحمد لله أن الجزائر مازالت عربية.. والحمد لله أنها مسلمة.. والحمد لله العلم مازال يرفرف..
لم أحتفي يا جدتي بأي من كل ما ذكرت.. نحن اليوم في صحراء.. لا يمكن أن تستشعر الحرية بصدق كما في الصحراء.. امتداد، هواء طلق، خلوة.. متسع والأهم لا قيود.. هناك كن ما شئت.. ولكن لبعض الوهم فقط.. صحراء حريتنا اليوم يا جدتي.. تحرق وتبتلع وتقتل، ساعتان تحت شمسها تكفي للموت فكيف بعمر.. مات القلب جدتي فنحن لا نملك سوى وهم حرية.
ذاك الحبيب الذي لي على الجمر يكتوي.. وأنا المقيد بأصابعه عند الجليد..
يزداد الجمر حمرة وخاصرتي تيبست وتشققت وبانت أحشائي كقطع كريستال مهمل
لو أنك ما كنت مني.. لكنا اكتفينا بنارك أو بثلجي..
لو أنك ما كنت لي حبيب وما كنت لك إبن..
لاجتنبنا عذاب التحام النقيض بالنقيض
لن أحتفل.. ولن أبتسم.. ولن أرفع الحلم..
باعوك ببخص الوهم وعيّروني باليتم..
ولم نعد سوى قطعة جمر تحتضن قطعة جليد..
وغرزوا على وجهك ها حبيبي قطع الكريستال تلك..
لينظروا كم سيصمد الصبر أمام الوجع..
والتأمت خاصرتي وفكت أصابعك عن معصمي
واكتفينا أنا وأنت..
بأنك مني وأنا منك.. إلى أن يحين الموت
لن أحتفل.. في يومهم..
لا أجيد النفاق
فأنا كل يوم أهديك ألف دمع ودمع
جدتي لا تعرف تاريخ ميلادها بالضبط ليس لأنها كانت في زمن يسجل فيه الأطفال الجزائريون كأنهم شيء وجد في سنة ما أو عبيد لا حق لهم في أي مدنية.. بل لأنها في ليلة من ليالي الإستعمار أرسلها والدها لتدفن أوراقهم الثبوتية في مكان تستطيع تذكره.. حتى يتوه المستعمر عن أسمائهم وأسماء الرجال في ذلك المنزل.. حتى لا يحصى عدد المجاهدين في المنطقة ككل.. تقول أنها أيام بعد المداهمة والتفتيش عادت للمنطقة ولكنها.. لم تستطع تذكر الشجرة ولا المكان تحديداً.. واضطر والدها وإخوانها على حفر كل الأرض ولكن بلا جدوى.. تقول كنت خائفة والوقت ليل.. لا أذكر سوى ساقيَّ ترتعشان وتلتويان فأسقط.. لا أذكر سوى عويل الذئاب..
في زمن استقلت فيه الجزائر كانت الحرية في القلب قبل الوطن.. وكان الوطن في القلب.. أي كانا وجهين لعملة واحدة.. اليوم يا جدتي تسكننا العبودية.. لا حرية مسلوبة ولا عدو ظاهر.. ولا سلاح... ولا قنابل.. ولا جهل.. ولا مجاهدين في سبيل الوطن.. كل ما نجاهد من أجله هو لقمة العيش.. تحولنا من أناس يأكلون للعيش.. إلى أناس يعيشون للأكل..
كنا نحلم أن يكون العمل حرية.. والعلم حرية.. والراحة حرية.. والبحث حرية.. كنا نحلم أن تكون الحياة حرية.. لكننا يا جدتي لا نعمل سوى ما نكره.. ولا نتعلم إلّا بالإكراه.. ولا نرتاح بغير التعب.. ولا نبحث إلّا عن ضياع.. ولا نحيا إلّا بالذل.. أمّا الحرية التي استرددتموها جدتي.. فلا نعرف عنها سوى أنّ الحمد لله لم يعد هناك مستعمر.. والحمد لله أن الجزائر مازالت عربية.. والحمد لله أنها مسلمة.. والحمد لله العلم مازال يرفرف..
لم أحتفي يا جدتي بأي من كل ما ذكرت.. نحن اليوم في صحراء.. لا يمكن أن تستشعر الحرية بصدق كما في الصحراء.. امتداد، هواء طلق، خلوة.. متسع والأهم لا قيود.. هناك كن ما شئت.. ولكن لبعض الوهم فقط.. صحراء حريتنا اليوم يا جدتي.. تحرق وتبتلع وتقتل، ساعتان تحت شمسها تكفي للموت فكيف بعمر.. مات القلب جدتي فنحن لا نملك سوى وهم حرية.
ذاك الحبيب الذي لي على الجمر يكتوي.. وأنا المقيد بأصابعه عند الجليد..
يزداد الجمر حمرة وخاصرتي تيبست وتشققت وبانت أحشائي كقطع كريستال مهمل
لو أنك ما كنت مني.. لكنا اكتفينا بنارك أو بثلجي..
لو أنك ما كنت لي حبيب وما كنت لك إبن..
لاجتنبنا عذاب التحام النقيض بالنقيض
لن أحتفل.. ولن أبتسم.. ولن أرفع الحلم..
باعوك ببخص الوهم وعيّروني باليتم..
ولم نعد سوى قطعة جمر تحتضن قطعة جليد..
وغرزوا على وجهك ها حبيبي قطع الكريستال تلك..
لينظروا كم سيصمد الصبر أمام الوجع..
والتأمت خاصرتي وفكت أصابعك عن معصمي
واكتفينا أنا وأنت..
بأنك مني وأنا منك.. إلى أن يحين الموت
لن أحتفل.. في يومهم..
لا أجيد النفاق
فأنا كل يوم أهديك ألف دمع ودمع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق