الأربعاء، 14 مايو 2014

للذكرى.. يوم عادي



هربت إلى بيت جدّتي كما أفعل مع كل أزمة.. 
وضعت وشاحا خفيفاً بالكاد يتمسك بطول شعري.. صعدت إلى سطح المنزل.. لم يعد كما كان.. لم تعد صورة الشريعة صافية كاملة بعد أن أخذ العمران يأكل حتى من كبد السماء.. كانت الريح تهب كما أشتهيها.. باردة في يوم صيفي.. رغم أصوات السيارات التي خفت مع اقتراب الغروب في مدينة مازالت تخاف الظلام.. كنت أسمع صوت الطبيعة.. صوت الأشجار المثمرة واحتكاك أغصانها وأوراقها وأرقبها تجاري الريح بكل مرونة.. صوت العصافير تزقزق كما لو أنه بعشوائية.. الريح.. تمسح على كل شيء بين اللين والقوة في همس بدا لي حزيناً.. كنت سأكذب وأقول أني نزعت وشاحي وأسلمت شعري وملابسي لها ولكنّي أعترف أنّي هذه المرة لم أفعل .. شعرت أن جرعة الحرية هذه لا معنى لها فالمسكنات تفقد مفعولها مع مرور الوقت.. ربما كنت أود نزع الوشاح عن قلبي وتسليمه للريح كنوع من الاغتسال من صرير أسنان البشر.. وتسليم ذاكرتي لها كمصفات.. ولن أنكر أني مع كل هبة قوية.. كنت أغمض عينيّ كنوع من المتعة وبكثير من الراحة.. في شرودي العميق ذاك.. ترنحت ذاكرتي طويلاً بين النسيان والاسترجاع.. لم تكن الصور واضحة ولكنها موجودة.. مجرد أخيلة وأصوات تثير في نفسي الصمت.. 
أخيراً أخذت الريح وشاحي عمداً وأسقطته أرضاً.. أفقت.. حاولت التقاطه ولكني كلما فعلت أبعدته الريح بضع خطوات.. كانت تعبث بشعري فيحجب عني النظر.. وخفت حقاً.. من أن يطير الوشاح خارج المنزل.. فالحقيقة أنه كان لجدتي والمفضل عندها..    

ليست هناك تعليقات: