من أصعب ما يعيشه المرأ أن يفقد إيمانه بأمر ما.. فما بالك لو تفقد إيمانك بالحياة..
لم أصل أبداً مرحلة فقدان الإيمان حتى حين رحل أعز أصدقائي ذاك الجميل الذي لم يتكرر.. رحيله الذي اعتبرته أسوأ ما حدث في حياتي حتى المرض الذي أعانيه لم يكن بذلك السوء حقاً ..
لكن.. كانت هي قطعة فريدة من نوعها.. كما يقال.. امرأة اللّا شيء.. كلما حدثتها في أمر يكون آخر كلامها "نعم.. ثم ماذا؟"
بعد سنين التقيتها.. تحافظ على شكلها بكل تفاصيله.. وجهها مشرق كأنها في فورة العشرينيات.. قلت في نفسي: "تباً" .. نظرت نحوي ولم تحتفي بلقائنا أبداً.. ألقت التحية باردة كالعادة.. سألتني: أتعالجين هنا؟" قلت: "نعم".. صمتت لبرهة وأكملت:"معليش.. كلنا سنموت يوماً.. لا شيء يدعو للحزن" سألتها: "أأبدو حزينة؟" قالت: بعض الشيء".. ابتسمت وأغلقت الموضوع بكلمة "المهم" الكلمة المنقذ الذي يستحق التقدير.. تغلق بها أي موضوع تريده..
سألتني ما هو المهم؟؟
لم أجبها ومضيت في حال سبيلي.. كنت أفكر.. أنها عانت الأمرين في طفولتها من أب لا يرحم وأمّ مكسورة تتحمل المهانة والذل بكل أنواعها.. تفوقت في دراستها لأنها مضطرة للعمل.. تعمل لأنها مضطرة لأن تعيل أمها.. لأنها مضطرة لأن تلبس وتأكل وتستحم وتتعطر على حد قولها..وتفعل كل هذه الأشياء لأنها مضطرة للعيش.. وما زالت على حالها..
أنضطر للعيش حقاً؟؟ استدرت.. عدت بخطاي البطيئة أحاول استدراكها.. أوقفتها، قلت أريد أن نتبادل.. فأنا أريد أن أعيش.. أن أسترجع عمري الذي اضعته.. في أيامي المقبلة.. لا شيء عندك له قيمة بينما بات كل شيء باهض الثمن بالنسبة لي.. أريد أن أحب.. لمرة واحدة.. فقط.. فالآن لم يعد بإمكاني.. أريد أن أعمل ما أحب.. أريد أن أكون أمّاً.. أجل.. أريد أن أعيش كل التجارب حتى وإن كانت مرة.. حتى تفقد الحياة معناها في عيني ولكن.. أكون حينها عجوزاً ارتوت من كل شيئ.
لم تجب.. ولن تجيب، لا يرغب أحد في الموت.. بل يبالغون في ردود أفعالهم.. أجل لنتبادل.. فلتنتهي هي ولأبدأ أنا من جديد.. فأنا رغم إيماني امرأة لم أعرف كيف أعيش وأهدرت سنيناً بلا فائدة..
تفاصيل كثيرة لم ولن تعرف طريقها إلي.. موجع ذلك.. والأكثر وجعاً أن أعترف به..
من مذكرات امرأة لم تعرف كيف تعيش.. نصوص مسروقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق